هل تجب علیٰ المرأة خدمة البیت

بسم الله الرحمٰن الرحیم قال النووی : «هذا کله من المعروف والمروءات التی أطبق الناس علیها، وهو أن المرأة تخدم زوجها بهذه الأمور المذکورة ونحوها من الخبز والطبخ وغسل الثٰیاب وغیر ذلك، وکله تبرع من المرأة وإحسان منها إلیٰ زوجها، وحسن معاشرة وفعل معروف معه، ولا یجب علیها شیئ من ذلك، بل لو امنعت من جمیع هذا لم تأثم، ویلزمه هو تحصیل هذه الأمور لها، ولا یحل له إلزامها بشیئ من هذا، وإنما تفعله المرأة تبرعاً، وهذه عادة جمیلة استمر علیها النساء من الزمن الأول إلیٰ الآن، وإنما الواجب علیٰ المرأة شیئان : تمکینها زوجها من نفسها، وملازمة بیته». وهذا الذی ذکره الإمام النووی هو مذهب الشافعیة، فإنهم ،لا یرون هذه الأعمال واجبة علیٰ المرأة دیانة ولا قضاءً، وأما المالکیة والحنفیة فیختلف الحکم عندهم باختلاف الأعمال واختلاف النساء، فأما أعمال خارج البیت، مثل سیاسة الفرس، وسقی المزارع، وحمل النویٰ، فلا تجب علیٰ المرأة مطلقاً، وأما أعمال داخل البیت، کالخبز والطحن والطبخ، فإن المرأة إن کانت من أناس لا یخدم نسائهن أنفسهن وبیوتهن، لا تجب علیها هذه الأعمال، لا دیانةً ولا قضاءً. وأما إذا کانت المرأة من أسرة تتعارف نسائها خدمة البیت، فإن مثل هذه الأعمال تجب علیها دیانةً، ولکن صرح الحنفیة بأنها لا تجبر علیها فی القضاء، جاء فی الد المختار : «امتنعت المرأة من الطحن والخبز، إن کانت ممن لا تخدم أو کان بها علة فعلیه أن یأتیها بطعام مهیأ، وإلا، بأن کانت ممن تخدم نفسها وتقدر علیٰ ذلك، لا یجب علیه، ولا یجوز لها أخذ الأجرة علیٰ ذلك، لوجوبه علیها دیانةً ولو شریفةً، لأنه علیه الصلاة والسلام قسم الأعمال بین علیي وفاطمة، فجعل أعمال الخارج علیٰ علي رضی اللہ عنه، والداخل علیٰ فاطمة رضی اللہ عنها، مع أنها سیدة نساء العالمین» فتفتیٰ به، ولکن لا تجبر علیه إن أبت. بدائع» راجع له رد المحتار 3 : 579، وراجع أیضاً البدائع 4 : 24 والبحر الرائق 4 : 183، 184 فی باب النفقة، وقد نقل الأبيّ فی شرحه 5 : 446 ههنا کلام القاضی عیاض والقرطبی وهو مما یدل علیٰ أن مذهب المالکیة فی هذا مثل مزحب الحنفیة، واللہ أعلم.

[ مقتبس من “تكملة فتح الملهم” شرح سماحة الشيخ المفتى محمد تقي العثماني حفظه الله تعالى على الصحيح للإمام مسلم رحمه الله تعالى]