Project Description

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل خلقه سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى كل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمابعد، فإنّ الله ﭙ اختار الأمة المحمدية -على صاحبها أفضل الصلوات والتسليم- لحفظ مآثر نبيّها وسننه وأقواله وأحواله وكلّ ناحية من نواحي حياته الشريفة بما لم تتمكن منه أمة أخرى. وذلك لأنّ الرسول الكريم ﷺ قد بُعث للنّاس كافّة برسالته الخالدة إلى يوم القيامة، واختار الله ﭙ أن تكون شريعته غضّة طريّة في كلّ زمان ومكان، لا تُبليها تطورات الحياة، ولا يشيّبها كرّ الأعصار ومرّ الدّهور. ولذلك وعد الله ﭙ بحفظ كتابه إلى يوم القيامة في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر:9]. وإنّ من جملة حفظ الكتاب أن تُحفظ سنّة نبيّه ﷺ، لأنّ الله تعالى بعثه لبيان الكتاب وتعليمه. قــال تعـالى: ﴿ وَاَنْزَلْنَـآ اِلَيْكَ الـذِّكْرَ لِتُـبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ اِلَيْـهِـمْ وَلَعَلَّـهُـمْ يَتَفَكَّـرُوْنَ ﴾ [النحل: 44]. وقـال تعـالى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللّـٰهُ عَلَى الْمُؤْمِنِيْنَ اِذْ بَعَثَ فِـيْهِـمْ رَسُوْلًا مِّنْ اَنْفُسِهِـمْ يَتْلُوْا عَلَيْـهِـمْ اٰيَاتِهٖ وَيُزَكِّـيْـهِـمْ وَيُعَلِّمُهُـمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَۚ وَاِنْ كَانُـوْا مِنْ قَبْلُ لَفِىْ ضَلَالٍ مُّبِيْنٍ ﴾ [آل عمران: 164]. وإنّ آخر هذه الأمّة إلى تعليمه وبيانه أحوج من أوّل هذه الأمة.
ولذا، فإنّ الله تعالى قيّض لحفظ سنّة نبيّه ﷺ رجالًا وَقَفوا حياتهم على حفظها، وتدوينها، ودراستها، وتعليمها، وإبلاغها إلى الأجيال القادمة، فلم يدّخروا جهدًا في خدمة السنّة النبويّة متنًا وإسنادًا، وجرحًا وتعديلًا، وجمعًا وتأليفًا، وشرحًا واستنباطًا، وتوسّعاً في فنونها بما لايوجد له نظير في ضبط أحوال أيّ أحد في العالَم عَبْر القرون.
وبما أنّ المحدثين الذين أسندوا أحاديث رسول الله ﷺ جمعوها في مؤلفاتهم المختلفة، وهي كثيرة، فإنّ العلماء في كلّ عصر ومصر بذلوا جهودًا مشكورة لتيسيرالوصول إلى حديث من الأحاديث المرويّة في هذه الكتب. وذلك تارة عن طريق تأليف كتابٍ تجمع أحاديث مجموعة من كتب الحديث على صعيد واحد، مرتبة على الأبواب، مثل «جامع الأصول» لابن أثير، و«مجمع الزوائد» للهيثميّ، وتارة بجمع الأحاديث مرتبة على حروف الهجاء، مثل «جمع الجوامع» و«الجامع الصغير» للسيوطيّ، ومرّة بوضع كتب الأطراف، مثل «تحفة الأشراف» للمزّيّ، وأخرى بوضع فهارس ضافية بأساليب مختلفة، مثل «المعجم المفهرس» أدّت دَورًا كبيرًا في تسهيل الوصول إلى الحديث المطلوب.
ثمّ جاء عصر الحاسوب الآليّ، فوُضعت أقراص متعددة تجمع كتب الأحاديث لتمكين الطالب من استخراج الحديث المطلوب في دقائق معدودة. وجميعُ هذه الجهود مشكورة مأجورة إن شاء الله تعالى، ولكنّ حبّ الرّسول الكريم ﷺ لم تَنفدْ شُعَبُه، وخدمة سنّته المطهرة لم تغلق أبوابها بحيث لا تدع مستزاداً لمستزيد.
وقد طرح عليّ بعض الإخوة فكرة جديدة في هذا الموضوع، وهيَ أن تُرقَّم جميعُ الأحاديث بطريق يكون لكلّ حديث رقم عالميّ واحد، يُحال إلى ذلك الحديث بذلك الرقم، كما يُحال إلى آية من آيات القرآن الكريم برقم واحد معتبر عالميًّا. وذلك لأنّ الإحالة اليوم على حديث من الأحاديث في الكتب والرسائل العلميّة والدّعويّة إنّما تكون على أساس صفحات الكتاب الّتي تتغير دائماً بتغيّر الطّبعات. وقد تكون الإحالة على أساس رقم الحديث في كتاب واحد، وإنّ الأرقام تختلف أيضًا باختلاف المرقّمين، فلو كان لكلّ حديث رقم عالميّ واحد، لكان الوصول إليه أسرع وأسهل.
أعجبتني هذه الفكرة، ولكن رأيتُ أنّ تنفيذها لا يُمكن إلّا بتأليف مدوّنة تجمع جميع الأحاديث المعلومة على صعيد واحد، وترقيمِها حسب ترتيب ذلك الكتاب. ولا تكتمل فائدة هذا الترقيم إلّا بأن يوجد في ذلك الكتاب جميعُ طرق الحديث، وبيانُ من أخرجه، وما تكلم فيه المحدثون من ناحية صحّته أو ضعفه. فإن أحيل أيُّ حديث برقمه العالميّ، أمكن للدارس الرجوع إلى هذه المدوّنة، حيثُ يجد الحديثَ بسائر طرقه، وبيان من أخرجه من المحدّثين، والحكم على إسناده إن وجد. وبهذا يمكن أن نضيف إلى مكتبة الحديث النبويّ -على صاحبه الصلاة والسلام- مدوّنة لم تسبقها مدوّنة، فإنّ أيّ مجموعة من مجموعات الحديث لا تدّعی حتّى الآن أنّها جمعت جميع الأحاديث المرفوعة. وبما أنّ المقصود ترقيمُ جميع الأحاديث المعلومة، فإنّ من الواجب أن تكون هذه المدوّنة شاملة لجميعها.
ونظرًا إلى أهميّة هذه الفكرة، ومدى حَجْم العمل المطلوب لتنفيذها، رأينا من المناسب أن نطـرحها
في اجتماع نخبة من العلماء والمعتنين بالحديث، حتّى تُدرس أبعادُها بصفة اجتماعيّة. فعقدنا اجتماعًا بمكّة المكرّمة في 5 و7 من شهر رمضان سنة 1422هـ، دعوتُ فيه ثُلّة من العلماء الّذين لهم خدماتٌ سابقة في جمع الأحاديث، أو فَهرَستها، أو تجارب علميّة يمكن الاسترشاد منها. وهذه

أسماؤهم مع مناصبهم في ذلك الحين:
1- فضيلة الشيخ الدكتور محمد مصطفى الأعظميّ
الحائز على جائزة الملك فيصل في الحديث النبويّ وصاحب مشروع خدمة السنة النبويّة بواسطة الحاسب الآليّ.
2- فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاويّ
مديرمركز بحوث ودراسات السنة والسيرة في جامعة قطر
3- فضيلة الشيخ المفتي محمد رفيع العثمانيّ
رئيس جامعة دار العلوم كراتشي باكستان والمحدّث بها
4- فضيلة الدكتور عبد الملك بن بكر عبد الله القاضي
الأستاذ المشارك بقسم الدراسات الإسلاميّة بجامعة الملك فهد للبترول ومؤلف سلسلة موسوعة الحديث النبويّ وديوان السنن والآثار
5- فضيلة الشيخ الدكتور محمود الطَّحَّان
الأستاذ بقسم الدراسات الإسلاميّة بكلية الشّريعة والدّراسات الإسلاميّة بجامعة الكويت
6- فضيلة الدكتور عبد الستار بن عبد الكريم أبو غدة
المستشار الشرعيّ ومدير البحوث والتطوير بمجموعة دلّة البركة وعضو مجمع الفقه الإسلاميّ الدولي
7- فضيلة الدكتور السيد محمد السيّد نوح
رئيس قسم الدراسات الإسلاميّة بكلية الشريعة والدراسات الإسلاميّة بجامعة الكويت
8- فضيلة الشيخ نظام يعقوبي
العالم والمحقق المعروف من البحرين
فانعقـد هذا الاجتمـاع بتوفيق الله ﭙ في البلـد الحـرام في شهـر رمضـان المبـارك، تطلّعًـا لشـرف الزمـان والمكان، واستحسن جميعُ الشركـاء هذه الفكـرة مبدئيًا، ودرسوا الموضـوع بنقـاش مستفيض، ورسموا الخطـوط العريضـة للمشـروع ومنهجـه. وبعـد مناقشـة عـدّة اقتراحـات تقـرّر أن يكون مقـرُّ المشروع في جـامعة دار العلوم بكـراتشي باكستان، وشكّلت لهـذا الغرض لجنة لتخطيط العمـل وتنظيمـه والإشراف عليه.
اشتملت اللّجنة على أربعة أعضاء في مبدأ الأمر:
1- فضيلة الدكتور محمد مصطفى الأعظميّ
2- محمد تقي العثمانيّ
3- فضيلة الد كتور عبد الملك بن بكر القاضي
4- فضيلة الدكتور عبد الستار أبو غدّة
وقد اجتمعت اللّجنة مرة أخرى في مكة المكرمة في 25-26 شوال 1422هـ وقدّم فضيلة الدكتور عبد الملك ابن بكر القاضى – ﷾ وأجزل له المثوبة- مذكّرة لمنهج العمل في ضوء تجاربه في جمع الأحاديث وحَصْرها وفَهرستها، كما قدّم اقتراحَه في أن يكون للعمل مقرّان: أحدهما في جامعة دار العلوم بكراتشي تحت إشرافي، وآخر في القاهرة تحت إشرافه.
ونظرًا إلى انشعاب العمل في مقرّين والميزانيّة المطلوبة لذلك، اقترح فضيلة الدكتور محمد مصطفى الأعظميّ ﷾ أن نبدأ العمل في جامعة دار العلوم بكراتشي ببساطة معهودة من علماء هذه الديار، وبدلًا من انتظار وفور الوسائل الماليّة الباهضة لهذا المشروع، نشرع في العمل في دود الوسائل المتاحة، ونتوكّل على الله سبحانه.
وقد بارك الله ﭙ في اقتراح الشّيخ، فأسّسنا في جامعة دار العلوم كراتشي قسمًا لهذا المشروع، واخترتُ ابنَ أختى الشابّ الفاضل النّشيط الشّيخ نعيم أشرف -بارك الله تعالى في عمره وعلمه وعمله- ليكون مديرًا لهذا القسم، واخترنا عددًا من الباحثين من خرّيجي الجامعة ليقوموا بهذا العمل تحت إدارته، وخطّطتُ منهج العمل في ضوء ما تمّ الاتّفاق عليه في اجتماع مكّة المكرّمة، بإضافة ما شعرتُ بحاجته بعد ما تبيّنت أبعادُ المشروع بصفة واضحة.
وهكذا بدأنا العمل بتوفيق الله ﭙ بكلّ بساطة، و بعددٍ يسير من الباحثين الشّباب، وإنّ الشّيخ نعيم أشرف ﷾ لم يدّخر جُهدًا في رسم الطريق للباحثين، وتدريبهم على العمل المطلوب، وإعداد برنامج للكمبيوتر خاصّ بالمشروع، والإشراف على عمل الباحثين في مختلف مراحله من الجمع والحَصْر والرجوع إلى المصادر، وعرضه عليّ بعد إكمالها، وتنفيذِ ما اقترحته عند المراجعة. وحاولنا أن نكون على صلة بفضيلة الدكتور محمد مصطفى الأعظميّ ﷾ للاستفادة من علمه وخبرته، وسافر إليه الشّيخ نعيم أشرف عند أوّل إنجاز يُعتدّ به، وحصل على تأييده لنموذج ما تمّ من العمل، وقد استفاد المشروع بآرائه وإرشاداته القيّمة في مختلف مراحله، فجزاه الله تعالى خير الجزاء، وأبقاه في عافية سابغة ذخرا للإسلام والمسلمين.
أمّا المنهج الذي اخترناه في هذه المدوّنة، فخلاصتُه فيما يلي:

المصادر:

المصادر التي اعتمدنا عليها في هذا المشروع يبلغ عددها إلى تسعمائة وعشرة (910) مصادرا. ولكن قسّمنا هذه المصادر على قسمين:
1- مصادر الطرق المستوعبة: والمراد بها المصادر الأساسية الّتي استوعب جميع أحاديثها المرفوعة بجميع طرقها. ومجموعُ عددها ثمانون (80) كتابًا. ويشتمل هذا القسم على كتب متون الأحاديث المسندة المعروفة الّتي يكثُر الإحالة عليها، والّتي تجمع معظم الأحاديث المرويّة. فأخذنا جميع أحاديثها المرفوعة الموجودة في نُسخها المطبوعة أو المخطوطة. وأضفنا إليها الأحاديث الّتي لا توجد في نسخها الميسّرة لدينا، ولكن يوجد العزو إليها، إمّا في كتب الزوائد، أو التخريج، وإمّا في شروح الحديث، أو في كتب الفقه والتّاريخ والتفسير والجرح والتعديل، وكتب الآداب. وهي مائة وأحد عشر (111) كتابا ذكرنا أسماءها في قائمة المصادر المستمدّة للتخريج.
2- مصادر الأفراد المستوعبة: والمراد منها أنّ الباحثين استوعبوا قراءة هذه المصادر، ولكن اختاروا منها الأحاديث المرفوعة الّتي انفردت هذه المصادر بروايتها، ولا توجد في القسم الأوّل من المصادر. أمّا الأحاديث الّتي شاركت هذه المصادرُ القسمَ الأوّل في روايتها، فإنّها لم تُدرج في هذه المدوّنة، لأنّها استُغني عنها بإدراج الحديث في القسم الأوّل. وعدد هذه المصادر المقروءة أكثر من ألف كتاب، بعض منها مطبوع وبعض منها مخطوط، وتم حتى الآن أخذ الحديث من هذا القسم من سبعمائة وتسعة عشر (719) مصدرا.
وأضفنا إليها الأحاديث التي وجدت في كتب التخريج وغيرها، كما فعلنا في القسم الأول من ثمانين كتابا. فصارت المصادر على ثلاثة أقسام:
1- المصادر المستوعَبة بجميع طرقها: 80
2- مصادر الأفراد المستوعبة التي تم أخذ الحديث منها: 719
3- المصادر المستمدّة للتّخريج: 111
وهكذا بلغ مجموع عدد المصادر تسعمائة وعشرة (910) مصدرا، وألحقنا في آخر هذا المجلد فهرسا لبيان جميع المصادر مع رموزها بالتفصيل.
وقد استفدنا في عملنا هذا بعدّة من برامج الحاسوب الآليّ، مثل «المكتبة الشاملة» و«جوامع الكلم» للبحث والتخريج، ولكن لم نعتمد عليها في إثبات النصوص، وإنما أثبتنا النصوص من مصادرها الأصليّة، إلّا إذا لم نطلع على طبعاتها فأخذنا الأحاديث كما هي مصفوفة فيهما.

 المنهج المتّبع في تبويب المدوّنة:
1- جمعنا الأحاديث المرفوعة في هذه المدوّنة بترتيب الموضوعات والأبواب، وليس على ترتيب
حروف الهجاء. وذلك لأسباب مختلفة، من أهمّها أنّ الحديث الواحد ربّما يُروى بمتون تختلف حروفها الأولى من متن إلى آخر، وخاصّة في الأحاديث الفعليّة. والباحثُ بحرفٍ واحد ربّما لا يهتدي إليه لكونه مُدرَجاً تحت حرف غيره، ولأنّ المقصود من الأحاديث متنُها للعمل به، فالأنسب للعمل أن تكون المدوّنة مرتبة بالأبواب، لأنّ هذا التّرتيب يدلّ على معاني الحديث والفوائد المستنبطة منه.
2- أعددنا لهذا الغرض فهرسًا شاملًا من «كتاب الإيمان» إلى «كتاب الفرائض» على طريق الجوامع والسّنن. وحاولنا بالقدر المستطاع أن تؤخذ تراجمُ الأبواب من إحدى الأمّهات الستّ، أو من كتاب حديث آخر بلفظها، إلّا إذا لم توجد التّرجمة المناسبة في كتاب حديث، فقد وضعنا الترجمة من عندنا.
3- عناوين المدوّنة منقسمة إلى كتب، مثل «كتاب الإيمان» وأبواب، مثل «باب في القدر والإيمان به» وعناوين فرعيّة، مثل «ما جاء في القلب وأنه بيد الله يقلبه كيف يشاء».
4- بدأنا المدوّنة بحديث: «إنّما الأعمال بالنيّات» حسب اختيار الإمام البخاريّ $، ثم بدأنا بكتاب الإيمان حسب ترتيب الجوامع.
5- بما أنّ الحديث الواحد قد يكون متعلقًا بأكثر من موضوع واحد، فإننا ذكرناه تحت باب يتعلق بموضوعه الأساس، الّذي يبدو من السّياق كونُه مقصودًا مباشرًا، أو لأنّ ذلك الحديث مستدَلّ مهمٌّ لذلك الموضوع، أو لأنّ مَن أراد البحث عن ذلك الحديث كان ذلك الباب مظنّة متبادرة له.
6- بما أنّنا أخذنا تحت كلّ بابٍ الأحاديثَ الّتي لها صلة مباشرة بذلك الباب، وقد تكون الأحاديث الأخرى تتعلق بذلك الباب من بعض الجهات، ولكن أُدرجت في أبواب أخرى من حيثُ موضوعها الأساس، فإنّنا ذكرنا عقبَ معظم الأبواب عنوان: «راجع أيضًا الأحاديث المرتبطة بهذا الموضوع المذكورة في المواضيع الأخرى».
7- هناك أحاديث جامعة تشتمل على موضوعات كثيرة لا يظهر ترجيحُ أحدها على الآخر بطريق من الطرق المذكورة سابقًا. وأفردنا لمثل هذه الأحاديث كتابا مستقلًّا بعنوان «كتاب الجامع».
8- حاولنا عند وضع التّراجم أن لا يكون عليها طابعُ مذهب فقهيّ أو عقديّ خاصّ، وأن تكون الترجمة تمثّل المعنى المتبادر من متن الحديث.
9- بما أننا التزمنا في هذه المدوّنة أن نذكر الأحاديث بإسنادها، وكان كتاب «فردوس الأخبار» للديلميّ $ محذوف الأسانيد، وبالرّغم من أنّ ابنه أسند أحاديثه في كتابه «مسند الفردوس»، فإنّ هذا الكتاب لم يُطبع بعد. ولكن يذكر عددٌ من المحدثين، مثل الحافظ ابن حجر والعلامة السيوطي پ أحاديث «مسند الفردوس» مسندة، كما فعله الحافظ ابن حجر $ في كتابه «زهر الفردوس». فإن اطّلعنا على إسناد حديث من أحاديث الديلميّ أو ذكره عند أحد من المحدثين، أدرجناه في باب مناسب له حسب منهجنا في الأحاديث الأخرى. أمّا إذا لم نجد لأحاديث الديلميّ سندًا ولا ذكرا عند أحد من المحدثين، فكان المفروض أن لا نأخذها لالتزامنا بالأحاديث المسندة، ولكن رأينا أن إهمال هذه الأحاديث في هذه المدوّنة الّتي تقصد ترقيم جميع الأحاديث يُبقي ثغرة يناسب تفاديها. ولذلك وضعنا هذه الأحاديث في آخر كلّ كتاب بعنوان: «ما جاء في كتاب… من أحاديث الديلمي»، والمراد منها أحاديث الديلميّ الّتي لم نجدها إلّا في كتابه «الفردوس»، ولم نطلع على إسنادها، ولم نجد ذكرها عند غيره من المحدثين.

منهج اختيار الأحاديث:
1- إنّ هذه المدوّنة تقتصر على الأحاديث المرفوعة، وهي: «ما أضيف إلى النبيّ الكريم ﷺ من قول أو فعل أو تقرير أو صفة أو حال». فلم تذكر فيها الأحاديث الموقوفة على الصحابة إلّا في حالتين:
الأولى: إن كان الحديث رُوي مرفوعًا وموقوفًا، ذكرنا طرقه الموقوفة مع الطرق المرفوعة.
الثانية: إذا تبيّن بوضوح أنّ الحديث الموقوف في حكم المرفوع.
2- بما أنّ المقصـود بهذه المدوّنة تدوينُ جميع الأحـاديث المرويّة عن رسـول الله ﷺ وترقيمُهـا ترقيمًـا عالميًّـا، فإنّها لا تقتصر على الأحـاديث الصحيحـة أو الحسنـة، بل تعُمّ جميع المرويّات، صحيحــة كانت أو حسنـة، ضعيفـة كانت، أو منكـرة، أو معلولـة، حتى أنّنا ذكرنا الأحـاديث التي اختلف في حُكمهـا المحــدثون، وحَكَم بعضُ النّـاقدين عليهـا بالوضـع، مع الكـلام عليهـا حسب منهجنـا الذي سيأتي ذكـره إن شاء الله تعالى.

 «الحديث المختار» و«الطريق الأجمع»:
1- المراد من «الحديث المختار» هو الحديث الذي ذكرنا متْنها الكامل بإسناده في أوّل كل باب. والمراد من «الطريق الأجمع» الطّريق الذي هو أكثر تفصيلا في ذلك الحديث، سواء أكان مرويًّا من صحابيّ الحديث المختار، أم من غيره. وبيان ذلك فيما يأتي:
2- من المعروف أنّ متْن حديث واحد ربّما يُروى عن عِدّة من الصحابة. وأنّ رواية كلّ واحد منهم تعتبر حديثا مستقلّا في اصطلاح المحدثين. وفي هذه الحالة، استقصينا أحاديثَ جميع الصحابة بجميع طرقها، وانتخبنا منها ما تبيّن كونُه أقوى من حيث الإسناد، وأوفقَ لأكثر طُرقه من حيث المتن، فجعلناه «الحديث المختار» في ذلك الباب. وقدّمنا ما رُوي في الأمّهات الستّ على غيره. فإن كان الحديث في الصّحيحين، أو في أحدهما مثلًا، فهو الحديث المختار دائمًا، وإن لم يوجد عندهما، فما وُجد في السّنن الأربعة، فهو المختار. ثمّ ما وُجد في الكتب الأخرى، وحاولنا بالقدر المستطاع أن نختار منها ما هو أقوى إسنادًا على أساس حُكم المحدثين.
3- بعد تعيين «الحديث المختار»، أثبتنا متنَه مع إسناده أوّلًا، وخصّصنا له رقْمًا عالميًّا. ثمّ إن وجدنا من خلال تتبّعنا المذكور طريقًا أكثرَ تفصيلًا من الطّريق المختار، ومن الطّرق الأخرى، سواء أكان من صحابيّ الحديث المختار أم من غيره، أثبتنا متنَه بإسناده تحت عنوان «الطّريق الأجمع». وإنّما فعلنا ذلك لأنّ هذا الطريق ربّما يجمع خلاصة زوائد الطرق المختلفة للحديث، وربّما يُفسّر الحديثَ بصورة أوضح، وربّما يدلّ على الخلفيّة الّتي ورد فيها الحديث، فيُعين في فهم مراده (إن كان إسناده مقبولًا) ويُغني عن مراجعة الكتب الّتي ألفت لبيان أسباب الحديث.
4- التزمنا عند سَرْد إسناد الحديث ومتنِه أن يكونا مشْكُولين. واعتمدنا في غالب الأحيان على الشّكل الموجود في نسخة مشكولة محقّقة. فإن لم يكن النّصّ مشكولًا في مصدره، أو في مصدر آخر من شواهده، قُمنا بشَكْل الإسناد والمتْن من عندنا بتحرٍّ بالغ، والتأكد من صحّة الشكل بالقدر المستطاع، وذلك بمراجعة كتب الأحاديث الأخرى أو شروحها، وكتب الرجال واللّغة وغريب الحديث.

 منهج ذكر الطرق:
وبعد ذكر «الحديث المختار» و«الطريق الأجمع»، ذكرنا تحت عنوان: «الطرق الأخرى لحديث …» الطّرقَ الأخرى للحديث المختار المرويّة في الكتب الأخرى من الصحابيّ نفسه الّذي رُوي عنه الحديثُ المختار، وذلك بترتيب الكتب الزمنيّ. ولكن لم نذكر متْن جميع الطّرق تفاديًا للتكرار، وإنّما اكتفينا بالإحالة على الكتاب الّذي أخرجه، وبيان صفتِه من وقف أو إرسال، وعدد الطّرق، أو الاختصار لبعض النّصوص، أو الاقتصار عليها، أو بعض الأمور المتعلّقة بالإسناد، أو بيان موافقتها للطّريق الأجمع بقولنا «كنحو الأجمع». أماّ إذا كان في ذلك الطّريق فائدة زائدة على الطّريق المختار أو الطريق الأجمع، أشرنا إليه بقولنا: «وفيه كذا» أو: «وفي أوّله كذا» أو: «وفي آخره كذا». وإن كان أسلوبه مغايرا للطّريق المختار ذكرناه بقولنا: «ولفظه كذا» ثمّ ذكرنا الحكم عليه من جهة الإسناد إن وُجد.
والتزمنا في طرق الأمّهات السّتّ إذا كان متنُها موافقًا لغير الطّريق المختار، أن نذكر موافقته لذلك الطّريق الّذي ذُكر قبله. وذلك مثل أن نقول: «كلفظ مسلم» أو: «كلفظ عبد الرزاق».
ومعنى ذلك أنّه إن كان طريقٌ من الطّرق خاليًا من ذكر متنه أو بعضه، فذلك دليلٌ على أنّه، بالرّغم من بعض الفروق في الألفاظ أو نقص بعض الأجزاء، ليس فيه شيء زائد على «الطريق المختار»، ولا على «الطريق الأجمع» وغيرهما من الطرق. واحترزنا عن التعمّق في بيان اختلاف الألفاظ مخافة التّطويل الّذي لا طائل تحته.
وهكذا، فإنّ جميع الطرق المرويّة عن صحابيّ واحد مندرجة تحت رقم عالميّ واحد، وإن كانت مرويّة في كتب مختلفة.

منهج ذكر الشّواهد:
أمّا إذا كان متنُ الحديث مرويًّا عن صحابيّ آخر أيضًا، فهو من جهة المتن نفسُ الحديث المختار، ومن جهة أنّه مرويٌّ عن صحابيّ آخر، هو حديثٌ مختلف في اصطلاح المحدثين، ويُعتبر كلّ واحد منهما شاهدًا للآخر. فمراعاة للجهتين، ذكرنا أحاديثَ الصّحابة الآخرين تحت عنوان: «الشّواهد»، وخصّصنا لحديث كلّ صحابيّ رقمًا فرعيًّا، وعمِلنا في طُرقه نفسَ العمل المذكور في طُرق «الحديث المختار» من ذكرها حسب التّرتيب الزّمنيّ وغيره من الأمور.
ومثاله: أنّ حديث «إنما الأعمال بالنيّات» مرويّ عند الشيخين عن سيدنا عمر بن الخطاب ﭬ. وهو الحـديث الأوّل في هذه المـدوّنة. فهو الحـديث المختـار، ورقمـه العـالميّ واحـد (1) ثمّ ذكرنـا طُرقـه من 43 مصدرا. وإنّ حديث عمر بن الخطّاب ﭬ مع جميع طرقه له رقمٌ عالميٌّ واحد. ولكن وُجد هذا الحديثُ مرويًّا عن أبي سعيد الخدريّ ﭬ في «حلية الأولياء» لأبى نعيم، فصار رقمه 1/1 كما وُجد مرويًّا عن أبي الدّرداء ﭬ في «المعجم الكبير» للطبرانيّ، فصار رقمُه 1/2، ووُجد مرويًّا عن أنس ﭬ في «تاريخ دمشق» لابن عساكر، فصار رقمه1/3 وعن أبي هريرة ﭬ في «تاريخ نيسابور» للحاكم، فصار رقمه 1/4، وعن علي بن أبي طالب ﭬ عند محمد بن ياسر الجياني، فصار رقمه 1/5، وعن هزال بن يزيد الأسلميِّ ﭬ عند الحاكم في «تاريخه»، فرقمه 1/6، وعن محمد بن إبراهيم بن الحارث $ مرسلا عند ابن بكار في «أخبار المدينة»، فرقمه 1/7.
والحاصل أنّ «الحديث المختار» بجميع طرقه له رقمٌ عالميّ واحد، ولكلّ شاهد له رقم فرعيّ تحت الرّقم العالميّ.

منهج التّرتيب في ذكر الأحاديث والطّرق:
1- راعينا في ترتيب الأحاديث الّتي خصّص لها رقم عالميّ أو رقم فرعيّ، تحت أيّ عنوان، أن نقدّم في الذّكر في أغلب الأحوال أحاديثَ الأمّهات الستّ: صحيح البخاريّ، وصحيح مسلم، وسنن النّسائي، وسنن أبي داود، وجامع التّرمذيّ، وسنن ابن ماجه، ثم ذكرنا الأحاديث حسب التّرتيب الزّمنيِّ لمصادرها، إلا الأحاديث المتماثلة والمتناسبة بعضها ببعض، أو التي تستحق التقديم أو التأخير لمراعاة بعض الأمور، عدلنا فيها عن الترتيب المذكور.
2- أمّا في ذكر طرق «الحديث المختار» أوشواهده، فقد اخترنا التّرتيب الزمنيّ لمؤلفي كتب الحديث دون تقديم الأمّهات السّتّ، بمعنى أنّنا قدّمنا في الذّكر طريقَ مؤلف كانت سنة وفاته أقدم، ثمّ طرقَ الأقدم، فالأقدم، إلّا في بعض الحالات، حيثُ قدّمنا المسندَ على المرسل، أو قدّمنا المرفوع على الموقوف.

منهج الحكم على الحديث من جهة الإسناد:
وحاولنا عند ذكر الحديث أن نجد في الحكم على إسناده كلامًا للمتقدّمين، فإن وجدنا منهم كلامًا ذكرناه، وإن لم نجد، لم نتكلّم على إسناده من عندنا، ولا ذكرنا كلامَ المعاصرين فيه إلّا في الهامش في بعض المواضع عند الحاجة، وذلك ليكون عملُنا مقتصرًا على الجمع والتّدوين والتّرقيم، دون أن يكون على هذه المدوّنة عُهدة في الكلام عليه متنًا أو إسنادًا.

منهج ترقيم الأحاديث:
الرقم العالميّ مختصّ للحديث المختار والطرق الأخرى له.
لكل شاهد من شواهد الحديث المختار رقمٌ فرعيّ.
بما أنّ عمل التّدوين والتّرقيم لايزال قَيْدَ الاكتمال، وربّما نحتاج للإحالة على حديث لم يُخصّ له رقم عالميّ بعدُ، فإنّا جعلنا لكل حديث رمزًا آخر في صورة الأرقام غير الرّقم العالميّ للحديث. وأحيانًا نُحيل إليه قبل اكتمال هذا المشروع لبعض مقتضياته، وإنّ هذا الرّمز مرحليٌّ سوف يُستغنى عنه بعد اكتمال المشروع إن شاء الله تعالى.

منهج التّعليقات:
نظراً إلى كِبَر المشروع وضخامته، حاولنا أن لا نُكثر من التّعليقات إلّا في مواضع يسيرة اشتدّت الحاجة إليها وذلك في مثل حالات آتية:
إذا كان الرّاوي عن النبيّ ﷺ غيرَ معروف، أو مختلفًا في صحبته، أو تعيينه، ذكرنا فيه كلام المحدثين في التّعليق.
2- ربّما يوجد حديثان متماثلان في العبارة والمعنى، أو يوجد بينهما موافقة في بعض الأجزاء، أو كان أحدهما أقوى إسنادًا مع الموافقة والتماثل، ولكن رأينا من الأنسب بوجوه أن نجعلهما حديثين مستقلّين في بابين مختلفين. وحينئذٍ أشرنا عند ذكر أحدهما إلى الحديث الآخر في التّعليق، وذلك برمز الحديث المرحليّ في هذه الطبعة، لا بالرّقم العالميّ للحديث، إن كان موضوعُه لم يكتمل عليه العمل بعدُ. وبعد اكتمال العمل يُستغنى عنه بالرّقم العالميّ إن شاء الله تعالى.
3- إن كان هناك أخطاءٌ مطبعيّة وقعت في المصادر، أشرنا إليها في التعليق.
4- إن كان في الحديث لفظ غريب جدًّا، فسّرناه في التّعليق بدون استيعاب.
5- إذا لم نقف على الحكم بالحديث من المحدّثين المتقدمين، ذكرنا فيه أحيانًا كلام بعض المعاصرين المحقّقين، أو ذكرنا الكلام على بعض رُواة ذلك الحديث من كتب الجرح والتعديل، دون قصد استيعاب.

منهج الإحالة على المصادر:
1- اخترنا في الإحالة على المصادر طريقًـا وسَطًـا. فأعرضنا عن الطريق المتّبَع في كثير من كتب الجمع من الإشارة إلى الحديث برمزه من حروف الهجـاء، مثل ما وقـع في «كنز العمـال» أو «الجـامع الصغير»، فإنّ قارئ تلك الكتب يحتـاج للوقـوف على المصـدر إلى أن يراجع قائمـة المصـادر كلّ مرّة. وفي جـانب آخر، أعرضنا عن التطـويل بذكر الأسمـاء الكاملة للمصـادر كلّ مرة، فلم نذكر الاسم الكامل للمرجع، بل اكتفينا على تسمية المحدّث الّذي أخرج الحديث بذكر اسمه المعـروف، وذكرنا اسم الكتـاب الذي أخرج فيه الحديث، إمّا باسمه المختصر، مثل «البيهقيّ-الكبرى» إشـارة إلى «السنن الكبرى» للبيهقيّ، و«البيهقيّ-معرفة» إشارة إلى «معرفة السنن والآثار» للبيهقيّ. و«البيهقيّ-القراءة» إشارة إلى «القراءة خلف الإمام» للبيهقيّ. وربّما اكتفينا للإشارة إلى الكتاب برمزٍ يدلّ على اسمه الكامل لممارسي كتب الحديث. فمثلًا: إن كان الحديثُ مصدره مصنَّف ابن أبي شيبة، أشرنا إليه بقولنا: «ابن أبي شيبة-ص» وإن كان مصدره «مسند ابن أبي شيبة» أشرنا إليه بقولنا: «ابن أبي شيبة- م».
2- إن كان الحديث المرويّ في مصدر من المصادر لا يوجد في نسخه المطبوعة، ولكن ذكره أحد المحدّثين في كتابه بالعزو إليه، ذكرنا اسمَ ذلك الكتاب بين القوسين. فمثلًا: إن لم نجد حديث ابن أبي شيبة في النّسخ المطبوعة من مصنَّف ابن أبي شيبة، ولا في النسخ المطبوعة لمسنده، ولكن ذكر الزيلعيّ حديثًا عزاه لمصنّف ابن أبي شيبة، أشرنا إليه بقولنا: «ابن أبي شيبة-ص (نصب)» ومعناه أنّ الزيلعي ذكره في نصب الرّاية، وعزاه إلى مصنّف ابن أبي شيبة، ولم نجده في نسخه المطبوعة. وكذلك إن وجدنا حديثًا لابن أبي شيبة في جمع الجوامع للسيوطي، ولم يذكر هل أخرجه في مصنفه أو في مسنده، ولم نجده في نسخهما المطبوعة، أشرنا إليه بقولنا: «ابن أبي شيبة (جمع)».
3- وقد أفــردنا جـــزءا مستقلا في آخر المجلد الأول محتويا على قائمة مبسوطة لجميع مصـادر المدوّنة
(910 مصدرًا)،  مرتّبة على حروف الهجاء. وتشتمل هذه القائمة على بيان رموز المصادر التي استخدمت في الإحالات حتى الآن.
4- التزمنـا عند عـزو الحديث إلى أحد المـراجع أن نُحيل إلى ترجمة الباب الّذي أُخـرج فيه، وإلى المجـلد والصفحـة في نسختـه المعتمـدة المذكورة في قائمة المصـادر، ورقم الحديث إن كان الكتاب مرقّمًـا.

العمل الذي تمّ حتى الآن:
وبهذا الطريق قد تمّ، والحمد لله تعالى، حتى الآن عمل الجمع والحصر والترقيم على 34520 حديثًا، منها ما خصص له رقم عالمي أساسي، وهي 17194 ومنها شواهدها التي خصصت لها أرقام فرعيّة، وعددها 17326 حديثًا، بطرق كلا القسمين التي بلغ عددها 331987 طريقًا.
وكان من طبيعة هذا العمل أن لا يُنشر إلّا بعد اكتماله، وذلك لأنّ أحاديث باب واحد لا تُستوعب مرّة واحدة، بل تُضاف إلى كلّ باب أحاديث جديدة من مصادر مختلفة، فلا يتمّ عمليّة الترقيم نهائيًّا إلّا بعد حصول الجزم بأنّه لا يوجد تحت هذا الباب أحاديث أخرى. وكذلك الإحالات المتبادلة لا يمكن ضبطها إلّا بعد اكتمال العمل، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى. ولكن رأينا من المناسب أن نُخرج المجلد الأوّل من المدوّنة المشتملة على كتاب الإيمان. وذلك بعد الحصول على غلبة الظنّ أنّ أحاديث كتاب الإيمان قد استوعبت بكاملها، وأنّ احتمال وجود أحاديث أخرى في هذا الموضوع ضعيفٌ جدًّا. وبالرغم من ذلك، تركنا تحت كلّ كتاب عدّة أرقام خالية، لاحتمال أن يوجد في المستقبل أحاديث جديدة لم تذكر في ذلك الكتاب، فيمكن استدراك ما فاتنا بإدراجها تحت هذه الأرقام الخالية. وبهذا أردنا أن نخرج المجلد الأوّل في صورته الراهنة ليكون جاهزًا للاستفادة، وليقع تحت أنظار العلماء والباحثين، عسى أن يزوّدونا باقتراحات تزيد المشروع إفادة وحسنًا في الترتيب والتنسيق.
وفي الختام، لا يسعني إلّا أن أشكر وأقدّر جهود القائمين على هذا المشروع من المحقّقين والمصحّحين والباحثين ومديرهم الّذين جعلوا هذا المشروع نصب أعينهم ونديم فكرهم وأقصى بُغيتهم، معرضين عن حطام الدنيا، مقتنعين منه باليسير، مبتغين بذلك وجه الله ﭙ وخدمة سنة نبيه الكريم ﷺ، وإنّهم لم يُقصّروا، والحمد لله تعالى، في المهامّ الّتي فوّضتها إليهم، ولم يألوا جهدًا في تحقيق ما طلبتُ منهم عند مراجعتي المستمرّة لأعمالهم من تصحيح أو تعديل أو دراسة أو تحقيق. فتقبل الله تعالى منهم هذا العمل، وجزاهم أحسن الجزاء حسب فضله العظيم. وقد ذكرت أسماؤهم في لوحة الكتاب.
وبهذا قد حان والحمد لله ﭙ أن نعرض المجلد الأوّل من هذه المدوّنة على المستفيدين. وبالرّغم من الجهود التى بُذلت في جمعه وتأليفه وتصحيحه، فإنّه لايتجاوز من أن يكون عملًا بشريّا، لا يأمن من الأخطاء أو المسامحات، فإنه لا عصمة إلّا لرسله عليهم الصلاة والسّلام. فنلتمس من القارئين أن لا يضنّوا بأيّ اقتراح يسنح لهم لإتمام فائدته أو تدارك خلله، ونسأل الله التّوفيق لإكمال هذا المشروع العظيم حسبما يُرضيه ﭙ، وبالله ﭙ تتمّ الصّالحات.

وكَتبه محمد تقي العثماني
خادم الحديث النبوي بجامعة دارالعلوم كراتشي
9 صفرالخير سنة 1438 هـ